الـ 19 من يونيو هو اليوم العالميّ للقضاء على العنف الجنسيّ في حالات النزاع، بقرار من الجمعية العامة للأمم المتّحدة منذ 2015.

يصادف يوم 19 يونيو هذا العام موعد إصدار قرار لجنة التحقيق الدوليّة المستقلّة بشأن الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، ومن ضمنها القدس الشرقيّة، والتي حقّقت في احتمال ارتكاب انتهاكات من قبل جميع الأطراف في الفترة ما بين 7 أكتوبر و 31 ديسمبر. فيما يلي شرح عن أهمية استنتاجات لجنة التحقيق بخصوص العنف الجنسيّ الذي ارتكبته حركة حماس في السابع من أكتوبر.

أهم  النقاط في التقرير

الـ 19 من حزيران هو اليوم العالميّ للقضاء على العنف الجنسيّ في حالات النزاع. أقرّت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة هذا اليوم في عام 2015 لرفع الوعي للضرورة الملحة لوضع حد للعنف الجنسيّ في حالات النزاع وتكريم الضحايا والناجيات والناجين.

يصادف هذا التاريخ موعد تبنّي مجلس الأمن القرار 1820 (2008)، والذي يعتبر العنف الجنسيّ أداة حرب وتهديدًا للسلام والأمن العالميّ.

يؤكّد هذا اليوم على الأهمية البالغة للمساعي المتواصلة للقضاء على العنف الجنسيّ في حالات النزاع. إنّه نداء لزيادة الحماية، المساءلة والأطر الداعمة لمواجهة ومنع هذه الجرائم الشنيعة وأثرها طويل الأجل على الأفراد والمجتمعات.

 

تشكّلت لجنة التحقيق في 2021، في أعقاب جولة قتاليّة أخرى بين إسرائيل وحركة حماس، والتي أطلقت حماس خلالها آلاف القذائف تجاه مدنيين إسرائيليّين. تفويض ونطاق عمل اللجنة غير مسبوقين: مُنحت اللجنة تفويض غير محدّود زمنيًّا للتحقيق في “جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدوليّ الإنسانيّ” في “الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، بما في ذلك القدس وداخل إسرائيل”. لم يحدّد للجنة تاريخ انتهاء؛ وقد فوّضت أيضًا “بالتحقيق في الأسباب الجذريّة للتوتّر الحالي، انعدام الاستقرار وإطالة الصراع، بما في ذلك التمييز والقمع الممنهج استنادًا إلى الهوية الدينيّة، الوطنيّة، العرقيّة أو الدينيّة”. وعليه، فإنّ التحيّز ضد دولة إسرائيل هو جزء من الدوافع وراء تشكيلها. ينعكس هذا التحيّز في اختيار أعضائها: خلافًا لمطلب اختيار أعضاء ذوي مواقف مستقلة ومحايدة، لدى الأعضاء الثلاثة في لجنة التحقيق سجّل موثّق من التصريحات المتحيزة ضد إسرائيل والمعادية للسامية، بما في ذلك، الطعن في حق إسرائيل في أن تكون عضوًا في الأمم المتحدة، والتطرّق إلى “اللوبي اليهودي” وغير  ذلك.

سيقدّم التقرير رسميًا في جلسة مجلس حقوق الإنسان في 19 حزيران.

أهم  النقاط في التقرير

تتمحور هذه الورقة حول الجوانب المتعلّقة بالعنف الجنسيّ والجندريّ في هذا التقرير. لذلك، لن نتطرّق إلى طابعه المتحيّز وأحاديّ الجانب.
على الرغم من نقطة انطلاقه المتحيّزة، يستعرض تقرير لجنة التحقيق بعض النتائج المهمّة التي يجب تسليط الضوء عليها، لأنّها مكملة لتقرير الممثّل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعنيّ بالعنف الجنسيّ في حالات النزاع، بل وتنسب بوضوح جرائم العنف الجندريّ في السابع من أكتوبر إلى حركة حماس.

فيما يلي أهم نتائج تقرير لجنة التحقيق في هذا الشأن (تم الاحتفاظ بترقيم الفقرات كما في التقرير الأصلي، مع إضافة تظليل)

23.وجدت اللجنة أنّ سبع جنديات أخذن إلى غزة كرهينات، وشاهدت مقاطع مصوّرة تبيّن أنّهن تعرضن للإساءة الجسديّة واللفظيّة. وُجدت أربع جثث لنساء في موقع ناحال عوز الحدوديّ، كانت عارية جزئيًا أو كامَلا، وقد عزلت اثنتان منهن في غرف منفصلة، وظهرت عليها علامات اعتداء جسديّ وعنف جنسيّ.

24. وجدت اللجنة دلائل على أنّ عناصر من الجناح العسكريّ لحركة حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينيّة المسلّحة ارتكبوا جرائم عنف جندريّ في عدة مواقع في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر. لم تكن تلك حوادث عرضيّة، بل ارتكبت بشكل مماثل في عدة مواقع على يد عدة معتدين فلسطينيّين

25. رفض الجناح العسكريّ لحركة حماس جميع الاتهامات بجرائم العنف الجنسيّ التي ارتكتبها قواته تجاه نساء إسرائيليّات. ولكنّ اللجنة وثقّت عدة حالات تشير إلى العنف الجنسيّ الذي مورسَ تجاه نساء ورجال في موقع حفل نوفا والمنطقة المجاورة، بالإضافة إلى النقطة الحدوديّة العسكريّة ناحال عوز وبعض الكيبوتسات، من ضمنها كفار عزّة، رعيم ونير عوز. قامت اللجنة بجمع وحفظ أدلة رقميّة، من بينها صورًا لجثث الضحايا تبيّن ارتكاب عنف جنسيّ، وهو نمط تؤكّده شهادات مستقلة أدلى بها مختلف الشهود. الشهادات الموثوقة التي جمعتها اللجنة تصف جثّثًا معرّاة، وفي البعض منها، كانت الأعضاء التناسليّة مكشوفة. تلقت اللجنة مختلف التقارير وتحقّقت من صحة أدلة تشير إلى تقييد نساء، بما في ذلك تقييد أياديهن وأرجلهن، غالبًا خلف ظهور الضحايا، قبل اختطافهن أو قتلهن. أجرت اللجنة أيضًا تقييماتها استنادًا إلى وضعية الجسم، على سبيل المثال، صور تبيّن ساقين مفتوحتين أو مثنيتين للأمام، وعلامات مقاومة أو عنف على الأجساد، مثل الإصابات الناتجة عن الطعن، الحروق، الجروح القطعيّة والتسلّخات الجلديّة.
….

90. بالنسبة لهجمة السابع من أكتوبر في إسرائيل، خلصت اللجنة، استنادًا إلى أسس منطقيّة، إلى أنّ الأجنحة العسكريّة لحركة حماس وجماعات مسلّحة فلسطينيّة أخرى، إلى جانب مدنيين فلسطينيين شاركوا مباشرةً في العمليات العدائيّة، تعمّدوا القتل والإيذاء والإساءة والاختطاف وممارسة العنف الجنسيّ في سياق النزاع تجاه مدنيين، من ضمنهم مواطنين إسرائيليّين وأجانب، وأفراد من الجيش الإسرائيليّ، بما في ذلك جنود غير مشاركين في الأعمال القتاليّة، في مواقع عديدة في جنوب إسرائيل. هذه الأفعال تعتبر جرائم حرب وانتهاكات للقانون الإنساني الدوليّ والقانون الدوليّ لحقوق الإنسان.

91. استنتجت اللجنة أنّ المدنيين استهدفوا عمدًا، أنّ الهجمة مخطّطة منذ فترة طويلة، الأمر الذي يدلّ على قدر كبير من التنظيم والتنسيق، ونفّذت في عدة مواقع في الوقت نفسه. كانت حماس قائد ومنسّق هذه الهجمات، وقد نفّذتها الأجنحة العسكريّة لحركة حماس وست فصائل فلسطينيّة أخرى، وبمشاركة بعض المدنيّين الفلسطينيّين.

94. استنتجت اللجنة أنّ عناصر الجناح العسكريّ لحركة حماس والجماعات الفلسطينيّة المسلّحة استهدفت النساء، بما في ذلك القتل المتعمّد، الاختطاف والاعتداءات الجسديّة والجنسيّة والإساءة النفسيّة. هذه الجرائم كانت متعمّدة ومدروسة بعناية، وفي كثير من الحالات، كات مصحوبة بالعنف الشديد بهدف التسبّب بألم ومعاناة وإصابات جسيمة للضحايا. أشارت اللجنة بشكل خاصّ إلى أنّ النساء تعرّضن لـلعنف الجندريّ أثناء قتلهن أو اختطافهن. النساء وأجساد النساء استغلت كغنائم النصر للمعتدين الرجال، وعمليّات الاختطاف والعنف وإهانة النساء نفّذت علنًا، سواء في شوارع غزة أو عبر الإنترنت.

95. رصدت اللجنة أنماطًا تشير إلى ممارسة العنف الجنسيّ في عدة مواقع، وخلصت إلى أنّ النساء الإسرائيليّات تعرّضن لهذه الجرائم بشكل مفرط. هجمة السابع من أكتوبر مكّنت المعتدين من ارتكاب جرائم عنف جنسيّ في سياق النزاع، وأنّ هذا العنف لم يكن عرضيًّا، بل ارتكبَ بشكل مماثل في عدة مواقع ومن قبل عدة معتدين فلسطينيّين. لم تجد اللجنة أدلة موثوقة، لكنّ العناصر المسلّحة تلقت أوامر بارتكاب عنف جنسيّ، لذلك، استحال التوصّل إلى استنتاجات حول هذا الموضوع. ولكنّ الخطاب التحريضيّ والتشكيك في حقيقة ارتكاب عنف جنسيّ، المرصودين من قبل الطرفين، ينطوي على خطر إخراس وتكذيب الناجيات، الأمر الذي يزيد من عمق الصدمة والوصم.

مع أنّنا نعترف بأهمية ومساهمة التقرير في هذا المضمار، إلّا أنّنا ننقده أيضًا بسبب موازاة الفظائع الجندريّة التي ارتكتبها حماس بالأفعال المزعومة التي ارتكبها الجيش الإسرائيليّ، وبسبب ازدواجية المعايير التي ينتهجها التقرير تجاه حماس والجيش الإسرائيليّ في التقرير، وبسبب إخفاقه في تناول أدلة مهمّة بخصوص العنف الجنسيّ الممارس في سياق النزاع تجاه الرهائن ولعدم التوصية بتعريف حماس كمنظّمة إرهابيّة وإدراجها في القائمة السوداء للمنظّمات التي ترتكب عنف جنسيّ في حالات النزاع، مع كلّ ما يترتب على ذلك.

أبرز مظاهر ازدواجية المعايير في موقف لجنة التحقيق تجاه إسرائيل وحماس هو التحليل القانوني غير المتكافئ للعناصر نفسها في النتائج الفعليّة، مما أدى بهم إلى الاستنتاج أنّ السلطات الإسرائيليّة والجيش الإسرائيليّ ارتكبوا جرائم ضد الإنسانيّة، تمثّلت بالتعذيب الجندريّ للرجال والفتيان، بينما ارتكبت حماس جرائم جنسيّة في سياق النزاع ضد الرهائن فقط، أمّا عن جرائم العنف الجنسيّ في سياق النزاع والتي ارتكبت في السابع من أكتوبر، فلم تعتبرها اللجنة جريمة حرب.

توجّه التقرير لموضوع العنف الجنسيّ والجندريّ ينطوي على إشكاليّات، فهو يوازي أفعال عناصر حماس الإرهابيّة بإساءة التصرّف في أوساط الجيش الإسرائيلي، كما هو مزعوم، وهو ما تدحضه إسرائيل بشكل قاطع. توجّه لجنة التحقيق يُحجّم الممارسة الاستراتيجيّة للعنف الجنسيّ من قبل حماس، ويوجّه أصابع الاتهام لإسرائيل دون وجه حق.

يغفل التقرير أيضًا عن حقيقة تلقين العنف لدى الفلسطينيّين وتعدّد الجبهات التي تهاجم إسرائيل. نتائج التقرير تزيد من حدّة التقطّب، وتفتقر للاستقلاليّة والإنصاف.